بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
حياكم اخواتي
أن الذي يتدبر القرآن الكريم، يرى جانبا كبيرا من آياته وسوره، قد اشتمل على قصص الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام، وعلى قصص غيرهم من الأخيار والأشرار.
والقصة في كل زمان ومكان لها أثرها العميق في النفوس، لما فيها من عنصر التشويق، وجوانب الاعتبار
والاتعاظ .. ولا تزال على رأس الوسائل التي يدخل منها الهداة والمصلحون والقادة
إلى قلوب الناس وعقولهم، لكي يسلكوا الطريق القويم، ويعتنقوا الفضائل، ويجتنبوا الرذائل
ويسلموا وجوههم لله الواحد القهار ومن هنا ساق ما ساق من قصص يمتاز بسمو الغاية
وشريف المقصد، وصدق الكلمة والموضوع، وتحري الحقيقة بحيث لا تشوبها شائبة من الوهم
أو الخيال أو مخالفة الواقع. كما أن من مميزات قصص القرآن: اشتماله عن طرق شتى في التربية
والتهذيب، تارة عن طريق الحوار، وأحيانا عن طريق سلوك طريق الحكمة والاعتبار، وطورا
عن طريق التخويف والإنذار نرى ذلك على سبيل المثال في قوله تعالى:
[{ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ "100" وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ
وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا
جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ "101" وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ "102"
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ
وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ "103" }
(سورة هود: 100 ـ 103)] وللقصة في القرآن الكريم أهداف سامية ومقاصد عالية
وحكم متعددة من أهمها: أ. بيان أن الرسل جميعا قد أرسلهم الله تعالى برسالة واحدة
في أصولها ألا وهي إخلاص العبادة لله الواحد القهار، وأداء التكاليف
التي كلف سبحانه خلقه بها وقد وردت آيات كثيرة تدل على أن أول كلمة
قالها كل رسول لقومه، هي أمرهم بعبادة الله تعالى، ونهيهم عن عبادة
أحد سواه. فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه كما حكى القرآن عنه:
[{يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ } (سورة الأعراف: 59)]
وهذا هود عليه السلام يقول لقومه: [{يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ }
(سورة الأعراف: 65)]